فصل: فصل في أصناف حمى يوم:

صباحاً 7 :4
/ﻪـ 
1446
جمادى الاخرة
18
الخميس
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)



.فصل في معالجات حمّى يوم بضرب كلي:

جميع أصحاب الحميات اليومية يجب أن يورد على أبدانهم ما يغذو غذاء جيداً مع سرعة الهضم لأن المحموم عليل والعليل مؤف لكن بعضهم يرخص له في الترفّه فيه كصاحب التعبي والغمي والجوعي والذين في أبدانهم مرار كثيرة ومن يشكو قشعريرة في الابتداء ويعلل بلقم طعام مغموس في ماء أو في شراب ليكون أنفذ وهؤلاء يغذون ولو في ابتداء الحمّى وبعضهم يمنع الترفه فيه ويشار عليه بالتلطيف مثل: السدي والاستحصافي والورمي والأولى أن يؤخر التغذية إلى الانحطاط خلا من استثنيناه والماء البارد يجب أن لا يمنع في أول الأمر لأن القوة قوية فلا يخاف ضعفها وهو أفضل علاج في التبريد لكن إن كان هناك ضعف في الأحشاء أو كانت الحمى قد امتدت أو كانت سدية فالأولى أن لا يكثر منه.
والحمام يكثر المشورة به عليهم عند انقضاء نوبتهم في حمّيات اليوم لأغراض منها الترطيب ومنها التعريق وخلخلة المسام ومنها التبريد في ثاني الحال ويمنع حيث يخاف وقوع العفونة.
وإنما ينبغي أن يجنب الحمام صاحب السدد منها فربما ثوّر الحمام مرضاً عفونياً وكذلك التخمي إلا في آخر الأمر.
وعند اتساع المسام وانحدار التخمة فهنالك أيضاً يجب أن يحمّم وصاحب الزكام لا يحمم إلا أن يكون احتراقياً وجميع أصحاب حمّيات اليوم يجب أن لا يطيلوا اللبث في هواء الحمام بل في مائه ما أحبوا إلا صاحب الاستحصاف والتكاثف فله أن يطيل اللبث في هواء الحمام حتى يعرق وأما التمريخ فإذا كان صباً وطلاء فقط سدد المسام وأخر كل حمى يوم كائنة عن سدة ظاهرة أو باطنة فإن قدم صاحبها الدلك فتحها ثم إن صادف رطوبة كثيرة حللها وإن صادف رطوبة قليلة جفّف البدن وأما الاستفراغ فلا يحتاج إليه منهم إلا صاحب السدد الامتلائي.

.فصل في أصناف حمى يوم:

حُميات اليوم منها ما ينسب إلى أحوال نفسانية ومنها ما ينسب إلى أحوال بدنية ومنها ما ينسب إلى أمور تطرأ من خارج والمنسوبة إلى الأحوال النفسانية منها الغمية والهمية والفكرية والغضبية والسهرية والنومية والفرحية والفزعية والتعبية والمنسوبة إلى الأحوال البدنية منها ما ينسب إلى أمور هي أفعال وحركات وأضدادها ومنها ما ينسب إلى غير أفعال وحركات وأضدادها.
والمنسوبة إلى أمور هي حركات وأضدادها هي التعبية والراحية والاستفراغية ومنها حُمى يوم وجعية وحمى يوم غشيية ومنها الجوعية ومنها العطشية والمنسوبة إلى غير الأفعال منها السددية ومنها التخمية ومنها الورمية ومنها القشفية وأما المنسوبة إلى أمور تطرأ من خارج فمثل الاحتراقية احتراق الشمس ومثل البردية والاستحصافية والاغتسالية فلنذكر واحداً واحداً منها بعلاجه.

.فصل في حمى غمية:

قد يعرض من حركة الروح إلى داخل واحتقانها فيه لفرط الغم حمّى روحية علاماتها نارية البول وحدته حتى إن صاحبه يحس بحدته بسبب غلبة اليبس وتكون حركة العين إلى غموض وتكون العين غائرة للتحلل مع سكون وفتور ويكون الوجه إلى الصفرة لغؤر الحرارة والنبض إلى صغر وضعف وربما مال إلى صلابة.
علاجاتها: يجب أن يكثر دخول الآبزن ويجعل أكثر قصده في الاستحمام ماء الحمّام دون هوائه ويكثر التمريخ بعد ذلك فإن الدهن أنفع له من الحمام ويشتغل بالمفرِّجات والعطر البارد وليوضع على صدره أطلية مبرِّدة من اللعابات والعصارات والمياه الطيبة وليسقوا شراباً كثير المزاج فإنه نِعم الدواء لهم.

.فصل في حمى يوم همّية:

قد يعرض من كثرة الاهتمام بشيء مطلوب حركة عنيفة للروح مسخّنة موقعة في حُمى.
علاماتها تشبه علامة الغمّية إلاَ أن حركة العين مع غؤرها للتحلّل تكون نحو الخارج ولا يكون النبض خاملاً منخفضاً بل يكون فيه مع ضعف إن كان به شهوق ما وعلاجها نحو علاج الغمية.

.فصل في حُّمَى يوم فكريّة:

قد يعرض من كثرة الفكرة في الأمور حمّى تشبه الهمّية والغمّية إلا أن حركة العين تكون معتدلة لا إلى غموض ولا إلى خروج وتكون مائلة إلى الغؤر ويكون النبض مختلفاً في الشهوق والغموض وأكثر ما يكون يكون معتدلاً ويكون الوجه إلى الصفرة وعلاجها علاج الهمّية.

.فصل في حمى يوم غضبية:

قد يعرض لفرط حركة الروح إلى خارج في حال الغضب سخونة مفرطة ويتشبث بالروح حمى.
العلامة احمرار الوجه إلا أن يخالطه فزع فيصفر وانتفاخ الوجه شبيه بما ينتفخ في الرقبة، وتكون العينان محمرتين جاحظتين لشدة حركة الروح إلى خارج وربما عرض لبعضهم رعدة بحركة خلطٍ أو لضعف طباع ويكون الماء أحمر حاداً يحس بحدته وله أدنى بصيص ويكون النبض ضخماً ممتلئاً شاهقاً متواتراً.
المعالجات: هو تسكينهم وشغلهم بالمفرحات من الحكايات والسماع الطيب واللعب والمناظر العجيبة وإدخالهم الحمام في ماء فاتر غير كثير الحرارة وتمرخهم تمريخاً كثيراً بدهن كثير فذلك أوفق لهم من الماء الحار وتغذيتهم بما يبرد ويرطب ومنعهم الشراب أصلاً فلا سبيل لهم إليه.

.فصل في حمى يوم سهرية:

قد يعرض أيضاً من السهر حمى يوم وعلاماتها تقدم السهر وثقل الأجفان فلا يكاد يفتحها وغؤور العين للتحلل وتهيج الجفن لفساد الغذاء ولكثرة البخار وكدورة البول لعدم الهضم وضعف النبض وصفرة الوجه لسوء الهضم وانتفاخه للتهيج وسوء الهضم لكنه ليس مع حمرة كما للغضبية.
العلاج: علاجها التوديع والتسكين والتنويم وتنطيل الرأس بما يبرد ويرطب والحمام الرطب والأغذية الجيدة الكيموس والمروخات المرطبة والشراب من أنفع الأشياء لهم يسقونه بلا توق إلا أن يكون صداع.

.فصل في حمي يوم نومية وراحية:

إن الروح قد يتحلل عنها بخارات حارة باليقظة والحركة فإذا طال النوم والراحة لم يتحلل وعرض منها تسخن الروح وحماه.
العلامة: يدل عليها سبوق النوم والراحة الكثيرة وخصوصاً ما لم يكن في العادة ووقع خلاف العادة ويدل عليه امتلاء بخاري من النبض.
العلاج: علاجه التعريق في هواء الحمام والاغتسال المعتدل بالماء الحار وقلة الغذاء وإمالته إلى ما يبرد ويرطب والرياضة المعتدلة ولا يجب أن يشربوا.

.فصل في حمى يوم فرحية:

قد يعرض من الفرح المفرط الحمى مثل ما يعرض من الغضب وعلاماتها قريبة من علامات الغضبية إلا أن العين تكون سخنتها سخنة الفرحان غير سخنة الغضبان ويكون التواتر في النبض أقل.
العلاج:- علاجها قريب من علاج الغضبية وقد فرغنا من بيان ذلك.

.فصل في حمى يوم فزعيًة:

قد يعرض من الفزع حمى يوم على سبيل ما يعرض من الغمّ فإن نسبة الفزع إلى الغم نسبة الغضب إلى الفرح من جهة أن حركة الفزع إلى داخل والغضب إلى خارج ويكون دفعة والآخران بتدريج.
العلامة: قريبة من علامة الغمية إلا أن الاختلاف في النبض أشد وسخنة العين سخنة مرعوب.
يقرب علاجها من علاج الغميّة ويجب أن يؤمن الخوف ويؤتى بالبشائر والشراب نافع له.

.فصل في حمّى يوم تعبيّة:

إن التعب قد يبالغ في تسخين الروح حتى تصير حمّى ضارة بالأفعال وأكثر مضرته وحمله هو على الحيوانية والنفسانية.
العلامات: علامات التعبيّة تقدم التعب وزيادة سخونة المفاصل على غيرها ومسّ إعياء ويبس في البدن وربما عرض في آخرها نداوة إن كان التعب معتدلاً ولم يكن فيه حرّ مجفف أو برد مانع للعرق وإن كان التعب مفرطاً قل التَنَدِّي والتعرُّق وربما تبعه سعال يابس بمشاركة الرئة ويكون نبضه صغيراً ضعيفاً وربما مال إلى صلابة والبول أصفر حاداً حاراً بسبب الحركة رقيقاً بسبب التحلل.
العلاج: علاجهم الراحة أو الاستحمام والإبزن والتمريخ بعده خصوصاً على المفاصل والتناول من الطعام الحسن الكيموس المرطّب مقدار ما يهضمونه من جنس لحوم الفراريج والجداء والسمك الرضراضي ولأن قوتهم ضعيفة فلا يجب أن يتوقعوا أن يهضموا ما يهضمونه في حال الصحة بل دونه ولذلك إن اغتذوا بما يغذو قليله كثيراً مثل ما ذكرناه ومثل صفرة البيض النيمبرشت وخصي الديوك كان جيداً وزعم بعضهم أن صاحب الإعياء يجب أن يلطف تدبيره أكثر من غيره وليس ذلك صواب ويجب أن يتناولوا من الفواكه الرطبة ويشربوا الشراب الكثير المزاج إن كانوا معتادين والجلاّب ونحوه.
وإن لم يكونوا معتادين ويجب أن يكون تمريخهم أكثر من تمريخ غيرهم بالدهن ليرطب أعضاءهم ومفاصلهم المجففة وأيضاً ليرخّي ما لحقها من التمدّد ودهن البنفسج من أفضل الأدهان لهم ويحب أن يعمّ تمريخه البدن وخصوصاً الرأس والعنق وخرز الصلب والمفاصل كلها وخصوصاً بعد الاستحمام ويجب أن يوطأ مفرشهم ويعطر ثيابهم ومجلسهم وإن احتاج إلى معاودة الحمّام لبقية ما عاودوا جميع ما رسم في بابه.

.فصل في حمى يوم استفراغية:

إنه قد يعرض من اضطراب الأخلاط عند الإسهال حركة للروح مفرطة تشعل فيها حمى وأكثره الإعياء الذي يتبعه وقد يفعله بالأدوية المسهلة بما يسخن وقد يتبع الفصد بما يزيل من رطوبة الأبخرة ودمويتها إلى صيرورتها دخانية مرارية.
العلاج: يجب أن يتلطف في حبس الطبيعة بما هو معلوم في أبوابه وأن يغذى العليل بما يقوي أكثر مقدار ما يهضم بما يبرد ويرطب وقد جعل فيه قوابض ويجعل على المعدة الضمادات والنطولات المقومة مسخنة غير مفترة فإن كل فاتر يرخّي ويحلل القوة ومن هذه الجملة صوفة مغموسة في دهن الناردين أو دهن أبرد منه مطيب ويعصر حتى يفارقه أثر الدهن ويجعل على القلب والكبد ما يبرد.

.فصل في حمى يوم وجعية:

إن الوجع قد يسخن الروح حتى تشتعل حمى.
علاماتها: الوجع في الرأس والعين أو الأذن أو السن المفاصل أو الأطراف والقولنج والبواسير أو غير ذلك من أوجاع الدماميل.
العلاج: تدبير الوجع بما يجب في بابه ثم يعالج بعلاج التعبية وإن خيف من سقي الشراب حركة من الوجع لم يسق.

.فصل في حمى يوم غشيية:

قد تعرض لمن يُغشى عليه لاضطراب حركات الروح سخونة تنقلب حمى وربما بقيت منها العلامة: مقاربة الغشي وسقوط القوة من غير علامات الحمّيات الأخرى الخارجة عن حمّيات اليوم ويكون النبض فيها مختلف الأحوال فتارة تسقط وتبطل حين ما يغلب البرد وتارة تسرع وتظهر عند استيلاء الحرارة وتشبه نبض أصحاب الذبول المخشف في صلابته مع دورية.
العلاج: علاجها علاج الغشي وإطعام أغذية سريعة الهضم حسنة الكيموس مما علمت وإن احتجت أن تسقيه شراباً فعلت ولم تبال من الحمى فإذا تخلص من الغشي وبقيت الحمى الشبيهة بالذبولية عولج بما هو القانون من التبريد والترطيب.

.فصل في حمّى يوم جوعية:

قد تحتد البخارات في البدن إذا لم يجد الغذاء فتولد الحمى ويكون نبضه ضعيفاً صغيراً وربما مال إلى صلابة.
العلاج: الإطعام أما في الحمى فمثل حسو متخذ من كشك الشعير مع البقول وبعده الأغذية الجيدة المقوّية ويحمّم ويصبّ على رأسه ماء فاتر كثير ويجلس فيه ويرطب بدنه بمثل دهن البنفسج.

.فصل في حمى يوم عطشية:

هذه قريبة من الجوعية وهي أولى بأن يحدث لفقدان ما تسكن به من الماء حرارة قوية في الأبخرة.
العلاج: سقي الماء البارد ومياه الفواكه الباردة وخصوصاً ماء الرمان وترطيب البدن بالإبزن فإن أمكنه الاستحمام بالماء البارد فعل.

.فصل في حمى يوم سددية:

السدد قد تكون في مسام الجلد لقشفه وقفة اغتساله وكثرة اغبرار ولبرد ولاغتسال بمياه مقبضة ولإحراق شمس وقد يكون في ليف العروق وسواقيها وفوّهاتها ومجاريها وإذا قل حمى يوم سددية فإنما يشار إلى هذا الصنف فإنه يعرض أن يقلل التحلل ويكثر الامتلاء والاحتقان ويعدم التنفّس ويجتمع بخار كثير حار لا يتحلّل فيحدث حرارة مفرطة.
فما دام اشتعالها في أضعف الأجرام وهو الروح كان حمّى يوم فإن اشتعلت في الدم كان الضرب المشهور من سونوخس وسنذكره وهو الذي يكون من جملة حميات الأخلاط ليس للعفونة بل للاشتعال والغليان والسخونة.
فإن أدى ذلك إلى عفونة توجبها السدّة وعدم التنفس انتقل إلى حمّيات العفونة ومثل هذه السلّة إما أن يكون من كثرة الأخلاط والدم وإما من غلظها وإما من لزوجتها وإما لوقوع شيء من أسباب السدّة في الآلة لا في المجرى مثل: برد يقبض أو ورم يضغط أو نبات شيء أو غير ذلك مما عليك أن تتذكّره.
وهذه الحمّى من بين حمّيات اليوم قلّما تنتقل إلى الدِّق لأن البدن فيها كثير المادة وهذه الحمى أيضاً يكون فيها عطش والتهاب ولزوم حرارة وقارورة متوسطة بين الناريّة والقُتمة وهذه الحمّى صعبة التفرق قريبة الشبه من حميات الأخلاط وهذه الحمى قد تبقى إلى الثالث فما بعده إن كانت السدة كثيرة قوية وليست بتكاثفية واستحصافية من خارج وإن كانت قليلة أسرع إقلاعها إن لم يقع خطأ وهذه الحمّى من بين حميات اليوم قد تتعرض وتعاود لثبات السدّة التي هي العلة فيكون كأن لها نوائب وهذه الحمّى كثيراً ما تنتقل إلى البرد والاقشعرار فيدلّ على أنها قد صارت عفونية والسدية إذا أحدثت وجعاً بعد الفصد في جانب البدن الأيسر لم يكن بدّ من إعادة الفصد لا سيما إذا سكنت الحمى ودام الوجع.
العلامات: إذا عرض حمّى يوم لا عن سبب بادٍ وكانت طويلة الانحطاط فأحدس أنها سدديّة وخصوصاً إذا انحطت بلا استفراغ نداوة ويؤكد حدسك علامات الامتلاء.
وفي الأبدان الكثيرة الدم والمولّدة له أو غليظة الأخلاط لزجتها ويفرق بينها أما إن كانت السدد فيه بسبب غلظ الأخلاط ولزوجتها دلت عليه العلامات المعلومة لهما ولم يكن هناك انتفاخ من البدن وتمدد وحمرة وبالجملة علامات الكثرة وما كان السبب فيه الامتلاء كانت علامات الامتلاء من حمرة الوجه ودرور العروق والانتفاخ والتمدد وغير ذلك ظاهرة في البدن وإن أفرطت السدد كان النبض صغيراً وإن لم يفرط لم يجب أن يصغر النبض.
العلاج: إن كان السبب كثرة الأخلاط والامتلاء فيجب أن تبادر إلى الفصد والاستفراغ وإن لم يفصد ولم يحم بعد فهو خير وإذا حم فالتوقف أوفق إلا أن تكون ضرورة فإن الفصد قد يجري الأخلاط ويخلط بينها فإن لم يكن بد فلا يجب أن تؤخر الفصد والاستفراغ ثم يشتغل بما يفتح السدد وينقي المجاري ولا تبادر قبل الاستفراغ إلى التفتيح وتنقية المجاري فإن ذلك ربما صار سبباً لانجذاب الأخلاط دفعة إلى بعض المجاري واللجوج.
فيها وذلك مما فيه أخطار كثيرة وربما زادت في السدد إن كانت غليظة وخاصة إن كانت المنافذ في خلقتها ضيقة.
على أنَ الفصد أيضاً والاستفراغ قد يُخرج الفضول الدخانية الفاعلة وباحتقانها هذه الحمّى وإن لم تحس بكثرة الأخلاط بل أحسست بالسدد وأنها حادثة عن غلظها ولزوجتها فربما لم تحتج إلى فضل.
فصد واستفراغ بل احتجت إلى التفتيح.
والتفتيح هو بالجوالي من الأغذية والأدوية ولما كانت العلة حمى فليس يمكن أن يرجع في التفتيح إلى الجوالي الحارة بل ما بين السكنجبين الساذج إلى السكنجبين البزوري ومن ماء الهندبا إلى ماء الرازيانج والغذاء مما فيه غسل وليس فيه لزوجة مثل: كشك الشعير والسكر مع أنه قريب من الغذاء ففيه تفتيح وجلاء فلا بأس بأن يخلط بكشك الشعير.
ثم يجب أن تنظر إذا استفرغت إن وجب استفراغه وفتحت بمثل ما ذكرناه هل نقصت الحمى ووهنت وهل إن كانت قد تنوب ضعفت نوبتها الثانية عن الأولى ونظرت إلى البول فوجدته ليس عديم النضج وفي النبض فوجدته لا يدلّ على عفونة استمررت على هذا التدبير وأدخلت العليل في اليوم الثالث بعد النوبة في الحمّام وقت تراخي النوبة المنتظرة إن كانت إلى خمس ساعات ومرخته ودلكته بأشياء فيها جلاء معتدل مثل ما بين دقيق الباقلا إلى دقيق الكرسنة ودقيق أصل السوسن والزراوند المعجون بشيء من العسل والماء.
وإن جسرت على أقوى من ذلك فرغوة البورق وإن حدس أن الحمّام يغير من طبعه شيئاً ويحدث كقشعريرة لم يلبث فيه طرفة عين فإن هذه السدة ليست من جنس ما يفتحها الحمام فإذا خرج من الحمّام فلا يجب أن يقرب طعاماً ولا شراباً إلا بعد أمن من النوبة.
فإن أوجب الحال أن يطعم شيئاً ولم يضر سقي ما فيه تفتيح مثل: ماء الشعير الرقيق الكثير الماء القليل الشعير الكثير الطبخ مطبوخاً مع كرفس فإن لم تعاوده النوبة فحمّمه ثانياً إن اشتهى ذلك واغذه وإن نابت ناقصة من النوبة الأولى وكان البول جيداً فثق بصحة العلاج وقلّة السدد وعالجه بعد إقلاعها بمثل ما عالجت واغذه وإن جاءت التوبة كما كانت أو أقوى من ذلك والبول ليس كما يجب فالعلة إلى العفن والعلاج علاج العفن حسبما تعلم ذلك.